قصة الكردي والعجمي
صفحة 1 من اصل 1
قصة الكردي والعجمي
حكاية الكردي والعجمي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قيل إن الخليفة هارون الرشيد قلق ليلة، فاستدعى بوزيره جعفر البرمكي، فلما حضر
عنده قال له: يا جعفر، غني قلقت وضاق صدري وأريد منك شيئاً يشرح خاطري.
فقال له جعفر: يا أمير المؤمنين، إن لي صديقاً اسمه علي العجمي، وعنده من جميع
الحكايات والأخبار.
فقال: علي به.
فقال: سمعاً وطاعةً.
ثم إن جعفراً خرج من عند الخليفة في طلب علي العجمي، فأرسل خلفه فلما حضر قال:
أجب أمير المؤمنين.
قال: سمعاً وطاعة.
فأتى الخليفة فسلم وترحم، فقال له: اجلس فجلس، فقال له الخليفة: اسمع يا علي، إنني
الليلة ضيق الصدر، وسمعت عنك أن في ذهنك حكاياتٍ وأخباراً وأريد منك أن تسمعني
ما يزل همي وفكري.
فقال: يا أمير المؤمنين، تريد أن أحكي لك شيئاً سمعته أو رأيته؟
فقال: إن كنت رأيت شيئاً فاحكه.
فقال: سمعاً وطاعةً! اعلم يا أمير المؤمنين أني سافرت في بعض السنين من بلدي إلى هذه
المدينة، وهي بغداد، وصحبني غلام ظريف ومعه جراب نظيف، فأودعني إياه. فبينا أنا
أبيع وأشتري، وإذا أنا برجل كردي ظالم معتد هجم علي وأخذ الجراب مني وقال: هذا
الجراب جرابي، وكل ما فيه قماشي وثيابي.
فقلت: يا معشر الناس قد اعتراني الوسواس.
فقال الناس جميعاً: امضوا إلى القاضي، وكل بحكمه راضي.
فدخلنا عليه، وتمثلنا بين يديه، فقال القاضي: في أي شيء جئتما؟
فقال الكردي: نحن خصمان.
قال: أيكما المدعي؟
فتقدم الكردي، وقال: أيد الله مولانا القاضي! هذا الجراب جرابي، وكل ما فيه قماشي
وثيابي، وقد ضاع ووجدته مع هذا الرجل.
فقال القاضي: ومتى ضاع منك؟
فقال الكردي: ضاع مني بالأمس.
فقال القاضي: إن كنت عرفته فصف لي ما فيه.
فقال الكردي: إن في جرابي هذا مرودين من لجين، وأكحالاً لعينين، ومنديلاً لليدين،
ومشربتين مذهبتين، وشمعدانين ومكبتين وطبقين، وإبريقين، وصينية وطشتين، وقدر
ودستين، ومغرفة وملعقتين، ومسلة ومقلمةٌ وملبتين، وقعباً وقصعتين، ومخدة ونطعين، وجبة
وفروتين، وبقرة وعجلتين، وعنزاً وشاتين، ونعجة وخروفين، وقطين أبلقين، وجملاً وناقتين،
وبقرة وثورين، ولبوة وسبعين، ودبة وثعلبين، ومرتبة وسريرين، وطبقة وقاعتين، ورواقاً
ومقعدين، ومطبخاً ببابين، وجماعة أكرادٍ يشهدون أن الجراب جرابي.
فقال القاضي: فما تقول أنت يا علي؟
فتقدمت يا أمير المؤمنين، وقد بهتني كلامه فقلت: أعز الله مولانا القاضي، أنا ما في جرابي
إلا دويرة حراب وأخرى بلا باب ومقصورة للكلاب وفيه للصبيان كتاب وشبان يلعبون
بالكعاب، وفيه عساكر وأطناب ومدينة بصرى وبغداد، وقصر كنعان بن شداد، وكور
وحداد، وشبكة وصياد وعصا وأوتاد، وبنات وأولاد وألف قواد يشهدون أن الجراب
جرابي.
فلما سمع الكردي هذا الكلام بكى وانتحب وقال: يا سيدي القاضي، جرابي هذا
معروف، وكل ما فيه موصوف، في جرابي هذا حصون وقلاع وقرى وضياع وطابق
للصِراع ووحوش وضباع ورجال يلعبون الطابة والرقاع، وإن في جرابي هذا حجرة ومهرين
وفحلاً وحصانين ورمحين طويلين وسبعاً وأرنبين، وسكيناً وخنجرين، وبحراً وخليجين،
وكمراً وجوختين، وعشاري وموكبين، وصاري وقريتين، وكوراً ودكانين، ومنقلة ونردين،
وعجوزاً وقحبتين، وقواداً وشاطرين ومخنثاً وعلقين وأعمى وبصيرين وأعرج وكسيحين
وعياراً وأزعرين وجامعاً ومدرستين وديراً وكنيستين وقسيساً وشماسين وبطركاً وراهبين
وقاضياً وشاهدين يشهدون أن الجراب جرابي.
فقال القاضي: ما تقول أنت يا علي.
فبادرت يا أمير المؤمنين، وقد امتلأت غيظاً وزدت في الحمق وقلت: أيد الله مولانا
القاضي! إن في جرابي هذا زردخانات صِفاح، وخزائن سلاح، وألف كبش نطاح في
عشرين مراح، وأربعين كلباً نباح، وبساتين وكروم عنب وتين وتفاح، وصوراً وأشباحاً
وقناني وأقداحاً وعرائس ملاحاً ومغاني وأفراحاً وهرجاً وصياحاً وعبداً وفلاحاً وأخاه
نجاحاً ورفيقه صباحاً، ومعهم سيوف ورماح، وقسي ونشاب وأصدقاء وأحباب وخلان
وأصحاب ومجلس للعتاب وندمان للشراب، وطنبور مع رباب، ونايات وقنان مصفوفات،
وصبيان ودايات، وأخوات معلمات، وبنات متجليات وجوار مغنيات وجوار حبشيات
وثلاث هنديات وأربع بدويات وخمس روميات وست تركيات وسبع عجميات وثماني
قفجيات وتسع كرجيات وعشر كلبات، والدجلة الفرات وشبكة وصياد وقداحة وزناد،
وإرم ذات العماد، وألف جواد، وقصر شداد بن عاد، وخانات مع حمامات، وقدوم ونجار
وخشبة مع مسمار وتاجر مع عطار، وبزار مع بيطار، وعبد أسود بمزمار ومقدم وركبدار
ومدن وأمصار ومائة ألف دينار، وبواب وكشدار ورأس نوبة، وعلم دار، والكوفة مع الأنبار
وعشرين صندوقاً ملأى قماشاً ودكان نحاس، وحاصل معاش، وبرجان للحمام وغزة
وعسقلان، ومن دمياط إلى أسوان وإيوان كسرى وملك سليمان، ومن كوش نعمان إلى
أرض خراسان وبلخ وأصبهان ومن الهند إلى بلاد السودان، وفيه أطال الله عمر مولانا
القاضي، قماش وغلائل وعراض وموسى بحد ماض، يحلق ذقن مولانا القاضي، إن حكم
أن الجراب ما هو جرابي.
فعند ذلك يا أمير المؤمنين حار القاضي مما سمع ثم قال: ما أراكما إلا شخصين نحسين
تلعبان بالقضاة والحكام لأنه ما وصف الواصفون ولا سمع السامعون ما وصفتم في هذا
الجراب، ما هذا إلا بحر ليس له قرار.
ثم أمر القاضي بفتح الجراب ففتحه الكردي، فإذا فيه خبز وليمون، وجبن وزيتون، ثم إني
رميت الجراب قدام القاضي والكردي، ومضيت إلى حال سبيلي.
فلما سمع أمير المؤمنين ذلك ضحك حتى استلقى على قفاه وقد زال همه وغمه، وأحسن
جائزة علي العجمي، وانصرف ....
--------------------------------------
( والله اعلم )
==========
ساو
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قيل إن الخليفة هارون الرشيد قلق ليلة، فاستدعى بوزيره جعفر البرمكي، فلما حضر
عنده قال له: يا جعفر، غني قلقت وضاق صدري وأريد منك شيئاً يشرح خاطري.
فقال له جعفر: يا أمير المؤمنين، إن لي صديقاً اسمه علي العجمي، وعنده من جميع
الحكايات والأخبار.
فقال: علي به.
فقال: سمعاً وطاعةً.
ثم إن جعفراً خرج من عند الخليفة في طلب علي العجمي، فأرسل خلفه فلما حضر قال:
أجب أمير المؤمنين.
قال: سمعاً وطاعة.
فأتى الخليفة فسلم وترحم، فقال له: اجلس فجلس، فقال له الخليفة: اسمع يا علي، إنني
الليلة ضيق الصدر، وسمعت عنك أن في ذهنك حكاياتٍ وأخباراً وأريد منك أن تسمعني
ما يزل همي وفكري.
فقال: يا أمير المؤمنين، تريد أن أحكي لك شيئاً سمعته أو رأيته؟
فقال: إن كنت رأيت شيئاً فاحكه.
فقال: سمعاً وطاعةً! اعلم يا أمير المؤمنين أني سافرت في بعض السنين من بلدي إلى هذه
المدينة، وهي بغداد، وصحبني غلام ظريف ومعه جراب نظيف، فأودعني إياه. فبينا أنا
أبيع وأشتري، وإذا أنا برجل كردي ظالم معتد هجم علي وأخذ الجراب مني وقال: هذا
الجراب جرابي، وكل ما فيه قماشي وثيابي.
فقلت: يا معشر الناس قد اعتراني الوسواس.
فقال الناس جميعاً: امضوا إلى القاضي، وكل بحكمه راضي.
فدخلنا عليه، وتمثلنا بين يديه، فقال القاضي: في أي شيء جئتما؟
فقال الكردي: نحن خصمان.
قال: أيكما المدعي؟
فتقدم الكردي، وقال: أيد الله مولانا القاضي! هذا الجراب جرابي، وكل ما فيه قماشي
وثيابي، وقد ضاع ووجدته مع هذا الرجل.
فقال القاضي: ومتى ضاع منك؟
فقال الكردي: ضاع مني بالأمس.
فقال القاضي: إن كنت عرفته فصف لي ما فيه.
فقال الكردي: إن في جرابي هذا مرودين من لجين، وأكحالاً لعينين، ومنديلاً لليدين،
ومشربتين مذهبتين، وشمعدانين ومكبتين وطبقين، وإبريقين، وصينية وطشتين، وقدر
ودستين، ومغرفة وملعقتين، ومسلة ومقلمةٌ وملبتين، وقعباً وقصعتين، ومخدة ونطعين، وجبة
وفروتين، وبقرة وعجلتين، وعنزاً وشاتين، ونعجة وخروفين، وقطين أبلقين، وجملاً وناقتين،
وبقرة وثورين، ولبوة وسبعين، ودبة وثعلبين، ومرتبة وسريرين، وطبقة وقاعتين، ورواقاً
ومقعدين، ومطبخاً ببابين، وجماعة أكرادٍ يشهدون أن الجراب جرابي.
فقال القاضي: فما تقول أنت يا علي؟
فتقدمت يا أمير المؤمنين، وقد بهتني كلامه فقلت: أعز الله مولانا القاضي، أنا ما في جرابي
إلا دويرة حراب وأخرى بلا باب ومقصورة للكلاب وفيه للصبيان كتاب وشبان يلعبون
بالكعاب، وفيه عساكر وأطناب ومدينة بصرى وبغداد، وقصر كنعان بن شداد، وكور
وحداد، وشبكة وصياد وعصا وأوتاد، وبنات وأولاد وألف قواد يشهدون أن الجراب
جرابي.
فلما سمع الكردي هذا الكلام بكى وانتحب وقال: يا سيدي القاضي، جرابي هذا
معروف، وكل ما فيه موصوف، في جرابي هذا حصون وقلاع وقرى وضياع وطابق
للصِراع ووحوش وضباع ورجال يلعبون الطابة والرقاع، وإن في جرابي هذا حجرة ومهرين
وفحلاً وحصانين ورمحين طويلين وسبعاً وأرنبين، وسكيناً وخنجرين، وبحراً وخليجين،
وكمراً وجوختين، وعشاري وموكبين، وصاري وقريتين، وكوراً ودكانين، ومنقلة ونردين،
وعجوزاً وقحبتين، وقواداً وشاطرين ومخنثاً وعلقين وأعمى وبصيرين وأعرج وكسيحين
وعياراً وأزعرين وجامعاً ومدرستين وديراً وكنيستين وقسيساً وشماسين وبطركاً وراهبين
وقاضياً وشاهدين يشهدون أن الجراب جرابي.
فقال القاضي: ما تقول أنت يا علي.
فبادرت يا أمير المؤمنين، وقد امتلأت غيظاً وزدت في الحمق وقلت: أيد الله مولانا
القاضي! إن في جرابي هذا زردخانات صِفاح، وخزائن سلاح، وألف كبش نطاح في
عشرين مراح، وأربعين كلباً نباح، وبساتين وكروم عنب وتين وتفاح، وصوراً وأشباحاً
وقناني وأقداحاً وعرائس ملاحاً ومغاني وأفراحاً وهرجاً وصياحاً وعبداً وفلاحاً وأخاه
نجاحاً ورفيقه صباحاً، ومعهم سيوف ورماح، وقسي ونشاب وأصدقاء وأحباب وخلان
وأصحاب ومجلس للعتاب وندمان للشراب، وطنبور مع رباب، ونايات وقنان مصفوفات،
وصبيان ودايات، وأخوات معلمات، وبنات متجليات وجوار مغنيات وجوار حبشيات
وثلاث هنديات وأربع بدويات وخمس روميات وست تركيات وسبع عجميات وثماني
قفجيات وتسع كرجيات وعشر كلبات، والدجلة الفرات وشبكة وصياد وقداحة وزناد،
وإرم ذات العماد، وألف جواد، وقصر شداد بن عاد، وخانات مع حمامات، وقدوم ونجار
وخشبة مع مسمار وتاجر مع عطار، وبزار مع بيطار، وعبد أسود بمزمار ومقدم وركبدار
ومدن وأمصار ومائة ألف دينار، وبواب وكشدار ورأس نوبة، وعلم دار، والكوفة مع الأنبار
وعشرين صندوقاً ملأى قماشاً ودكان نحاس، وحاصل معاش، وبرجان للحمام وغزة
وعسقلان، ومن دمياط إلى أسوان وإيوان كسرى وملك سليمان، ومن كوش نعمان إلى
أرض خراسان وبلخ وأصبهان ومن الهند إلى بلاد السودان، وفيه أطال الله عمر مولانا
القاضي، قماش وغلائل وعراض وموسى بحد ماض، يحلق ذقن مولانا القاضي، إن حكم
أن الجراب ما هو جرابي.
فعند ذلك يا أمير المؤمنين حار القاضي مما سمع ثم قال: ما أراكما إلا شخصين نحسين
تلعبان بالقضاة والحكام لأنه ما وصف الواصفون ولا سمع السامعون ما وصفتم في هذا
الجراب، ما هذا إلا بحر ليس له قرار.
ثم أمر القاضي بفتح الجراب ففتحه الكردي، فإذا فيه خبز وليمون، وجبن وزيتون، ثم إني
رميت الجراب قدام القاضي والكردي، ومضيت إلى حال سبيلي.
فلما سمع أمير المؤمنين ذلك ضحك حتى استلقى على قفاه وقد زال همه وغمه، وأحسن
جائزة علي العجمي، وانصرف ....
--------------------------------------
( والله اعلم )
==========
ساو
زائر- زائر
رد: قصة الكردي والعجمي
يعطيك العافية دائما مواضيعك مميزة
almayasa- نائبه المدير
-
عدد الرسائل : 270
تاريخ التسجيل : 16/04/2008
رد: قصة الكردي والعجمي
[quote="زهرة_البيلسان"][b]
شكرا على مرورك يا زهرة
===========
ساو
مشكووووووووووووووووووور عنجد شي رائع عنجد شكرا الك
=========================شكرا على مرورك يا زهرة
===========
ساو
زائر- زائر
رد: قصة الكردي والعجمي
[quote="almayasa"]يعطيك العافية دائما مواضيعك مميزة
==========================
مشكورة ميسو
ان الميزة الوحيده في مواضيعي
هي مرورك المستمر
=========
ساو
==========================
مشكورة ميسو
ان الميزة الوحيده في مواضيعي
هي مرورك المستمر
=========
ساو
زائر- زائر
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى